سيناريو الحصار البديل يخيّم على قوات المعارضة في حلب

01 يونيو 2015
المعارضة السورية تسعى إلى القضاء على داعش (الأناضول)
+ الخط -

تتواصل، لليوم الخامس على التوالي، الاشتباكات العنيفة بين قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وقوات المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي. فبعد أن تمكنت قوات التنظيم من إحراز تقدم غير مسبوق، منذ صيف العام الماضي، على حساب قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، حاولت قوات المعارضة، خلال اليومين الماضيين، استرجاع المناطق التي سيطر عليها التنظيم بدون أن تنجح.

بدوره، شنّ "داعش" هجوماً جديداً على ريف حلب الشمالي، محرزاً مزيداً من التقدم على حساب المعارضة، التي اكتفت بالدفاع عن خطوط تمركزها في مدينة مارع الاستراتيجية، في وقت يحاول فيه التنظيم الالتفاف على هذه الخطوط شمالاً، للتمدد أكثر تجاه مدينة أعزاز الحدودية، والتي يقع بقربها المعبر الحدودي الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب، بالأراضي التركية.

ونجح "داعش"، فجر اليوم الإثنين، في التقدم من بلدة صوران التي سيطر عليها قبل يومين، نحو قريتي غزل والشيخ ريح، لتشتبك قواته مع قوات المعارضة، التي تمكّنت من تكبيد التنظيم خسائر بشرية وعسكرية، لتجبره على إيقاف تمدده في المنطقة، ولو مؤقتاً.


ولم تنفع التعزيزات الكبيرة التي استقدمتها قوات المعارضة إلى جبهات القتال ضد "داعش" في ريف حلب الشمالي، في إجبار التنظيم على التراجع، فعلى الرغم من وصول عددٍ من الأرتال العسكرية من قوات كتائب "ثوار الشام" وحركة أحرار الشام، وتجمع "فاستقم كما أمرت"، والجبهة الشامية، لم تتمكن قوات المعارضة من استعادة السيطرة على بلدة صوران، لكنها تمكنت من استعادة السيطرة على قرية أم حوش إلى الشرق من مدينة مارع، وعلى قرية أم القرى، والوحشية إلى الشمال من مدرسة المشاة العسكرية، أكبر مقرات المعارضة العسكرية في ريف حلب.

اقرأ أيضا: "التايمز": حملة تطهير عرقي ضد العرب شمال سورية

وقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد قتلى قوات المعارضة في المعارك الجارية في المنطقة، منذ يومين، بنحو خمسة وأربعين، في مقابل نحو ثلاثين قتيلا من قوات "داعش".

ومن الواضح أن "داعش" يسعى إلى التقدم شمالاً للسيطرة على الشريط الحدودي، الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة السورية في ريف حلب، بالأراضي التركية، ليتمكن التنظيم من خنق قوات المعارضة المتواجدة في ريف حلب الشمالي، وفرض حصار فعلي عليها بفصلها عن معبرها الحدودي مع تركيا، والذي بات، منذ ثلاث سنوات، الرئة التي تتنفس منها قوات المعارضة، وسكان المناطق التي تسيطر عليها في حلب.

وبهذه الطريقة، يتجنب "داعش" خوض معركة خاسرة ضد قوات المعارضة المتمركزة في مدينتي مارع وتل رفعت في ريف حلب الشمالي، ذلك أن المدينتين تعتبران خزاناً بشرياً ولوجستياً كبيراً، وأكبر حاضن لقوات المعارضة في ريف حلب الشمالي.

اقرأ أيضا: سجن تدمر.. ذاكرة من الجحيم

ويبدو أن "داعش" يفكر، على المدى الطويل، بعد سيطرته على أعزاز ومعبرها الحدودي، في مهاجمة مناطق سيطرة قوات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، الواقعة إلى الغرب، لا سيما أن تلك القوات تعاني من صعوبات كبيرة في الإمداد، نظراً لعدم اتصال المنطقة التي تسيطر عليها مع باقي مناطق سيطرة قوات حماية الشعب الكردية في الشمال السوري.

ويرجح احتمال عدم قيام "داعش" بمهاجمة مناطق سيطرة قوات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، مخاوفه من تعرض التنظيم لخسائر كبيرة على يد قوات حماية الشعب، وقوات الجيش الحر في منطقة ريف تل أبيض الغربي والجنوبي الغربي في شمال محافظة الرقة، حيث تمكنت القوات المشتركة المؤلفة من مقاتلي الطرفين من إلحاق هزائم كبيرة بقوات "داعش" في المنطقة في الأيام الثلاثة الماضية، وتصبح على بعد أقل من خمسة عشر كيلومترا من مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا، والتي تضع القوات المشتركة نصب أعينها السيطرة عليها لتتمكن من السيطرة على المعبر الحدودي الواقع قربها، وبالتالي السيطرة على أول معبر حدودي رسمي يصل مناطق سيطرتها بالأراضي التركية.

ويأتي تقدم "داعش" في ريف حلب الشمالي بالتزامن مع هذا التقدم للقوات المشتركة في ريف الرقة الشمالي على حسابه، ليزيد ذلك من احتمال سعي التنظيم إلى الانتقام من قوات حماية الشعب الكردية في عفرين، بعد فشلها في التصدي لقواتها التي تتقدم بشكل مستمر على حساب التنظيم في ريف الرقة الشمالي وفي ريف الحسكة.

اقرأ أيضا: "داعش" يتراجع أمام "بركان الفرات" في ريف الرقة